ثمّ بعد تسليم الاشتراك فيهما ثمّ تسليم وقوع استعمالهما في الجميع نمنع ظهوره فيه مع التجرّد ، لأنّ الإسناد بنفسه قرينة على تعيين ما يناسب المسند إليه ، فالظهور المتوهّم فيهما مستند إلى القرينة.
ثانيها : قد ورد في الحديث : « إنّ لكلّ آية من القرآن ظهرا وبطنا » وفي آخر : « ما نزل آية في القرآن إلاّ وله ظهر وبطن » وفي آخر : « للقرآن ظهر وبطن ولبطنه بطن إلى سبعة أبطن ».
وفي بعض الأخبار : « أنّ له سبعة بطون » وفي بعضها : « سبعين بطنا ».
وكيف كان : فقيل إنّ ما ورد في هذه الأخبار إنّما هو من باب الاستعمال في أكثر من معنى.
وربّما يقال : إنّه قد يتمسّك به على الجواز مطلقا.
وتحقيق المقام : أنّ للقرآن وجودا خطابيّا من الخطاب بمعنى توجيه الكلام نحو الغير ، وهو الّذي صار محلّ النزاع في مسألة عموم الخطابات الشفاهيّة للمعدومين وعدمه ، ووجودا كتابيّا وهو الخطوط المؤلّفة فيما بين الدفّتين الموجودة بأيدينا اليوم ، فإن كان النظر في توهّم كونه من باب الاستعمال في أكثر إلى وجوده الخطابي فكونه بهذا الاعتبار من باب الاستعمال مسلّم ، ولكن تعلّق ذلك الاستعمال بالأكثر ممنوع ، لجواز كون المستعمل فيه المراد من الألفاظ الصادرة عند الخطاب ظاهر القرآن ، وتكون البطون الواردة في الأخبار بطونا لذلك الظاهر فتكون مرادة بإرادته بالالتزام من باب الدلالة بالإشارة ، وإن لم يساعد عليها أفهامنا ولم يعرفها إلاّ الأوحدي كأهل العصمة عليهمالسلام من دون أن تكون بأنفسها مرادة بإرادة اخرى ممتازة عن إرادة الظاهر ، كالجزء في ضمن الكلّ حيث إنّه مراد بإرادة الكلّ لا بإرادة ممتازة ، بحيث كانت الإرادة فيما بينهما واحدة يسند إلى الكلّ أوّلا وبالذات وإلى الجزء ثانيا وبالعرض ، أو لجواز كونها مستعملة في معناها الظاهر مع دلالتها على بقيّة المعاني الّتي هي البطون التزاما من باب الإيماء والتنبيه ، بناء على أنّها لا تستلزم الإستعمال الّذي بينه وبينها عموم من وجه ، كما لا يخفى على المتأمّل.