واحتقارهم إياه ، واستصغارهم له ـ ما هو مشاهد بالحس. فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة : في هديه واتباع ما جاء به ، وهلاك الدنيا والآخرة : في مخالفة هديه وما جاء به.
( فصل ) والجماع الضار نوعان : ضار شرعا ، وضار طبعا.
فالضار شرعا : المحرم. وهو مراتب بعضها أشد من بعض. والتحريم العارض منه أخف من اللازم : كتحريم الاحرام والصيام والاعتكاف ، وتحريم المظاهر منها قبل التكفير ، وتحريم وطئ الحائض ، ونحو ذلك. ولهذا لاحد في هذا الجماع.
وأما اللازم ، فنوعان : ( نوع ) لا سبيل إلى حلة البتة ، كذوات المحارم. فهذا من أضر الجماع ، وهو يوجب القتل حدا عند طائفة من العلماء : كأحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ وغيره. وفيه حديث مرفوع ثابت. ( والثاني ) : ما يمكن أن يكون حالا ، كالأجنبية. فإن كانت ذات زوج ، ففي وطئها حقان : حق لله ، وحق للزوج. فإن كانت مكرهة : ففيه ثلاثة حقوق. وإن كان لها أهل وأقارب ـ يلحقهم العار بذلك ـ : صار فيه أربعة حقوق. فإن كانت ذات محرم منه : صار فيه خمسون حقوق. فمضرة هذا النوع بحسب درجاته في التحريم.
وأما الضار طبعا ، فنوعان أيضا : نوع ضار بكيفته كما تقدم ، ونوع ضار بكميته ، كالاكثار منه : فإنه يسقط القوة ، ويضر بالعصب ، ويحدث الرعشة والفالج والتشنج ، ويضعف البصر وسائر القوى ، ويطفئ الحرارة الغريزية ، ويوسع المجارى ويجعلها مستعدة للفضلات المؤذية.
وأنفع أوقاته : ما كان بعد انهضام الغذاء في المعدة ، وفى زمان معتدل ، لا على جوع : فإنه يضعف الحار الغريزي ، ولا على شبع : فإنه يوجب أمراضا سددية ، ولا على تعب ، ولا إثر حمام ، ولا استفراغ ، ولا انفعال نفساني : كالغم والهم والحزن ، وشدة الفرح.
وأجود أوقاته : بعد هزيع من الليل ، إذا صادف انهضام الطعام. ثم يغتسل أو يتوضأ