القواعد المقررة المبرهن عليها بالأخبار (١) المعتبرة ، فإن هذا التصدق قبل تعلّق النذر به مكروه ، بل الظاهر أنه غير جائز شرعا.
أما أولا ، فلاستلزامه الإخلال بأداء الديون الواجبة يقينا ، سيما مع الفوريّة ، كردّ المظالم والحالّ من الديون.
وأما ثانيا ، فلاستلزامه إدخال الضرر على نفسه ، ولا سيما إذا كان من ذوي الوجاهة والوقار والمحل الأرفع في تلك الديار ، بلبس ثياب الذل والانكسار ، وبذل ماء الوجه المنهيّ عنه في صحاح الأخبار.
وأما ثالثا ، فللأخبار المستفيضة بالنهي في الاتّفاق عن الإسراف ، والأمر بالاقتصاد في ذلك والكفاف [١] ، فمنها رواية حماد اللحام المروية في (الكافي) (٢) و (تفسير العياشي) (٣) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لو أن رجلا أنفق ما في يده في سبيل الله ، ما كان أحسن ولأوفق للخير ، أليس الله تبارك وتعالى يقول (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (٤) بمعنى المقتصدين». وهي صريحة الدلالة على المراد ، منطبقة على السؤال حسب ما يراد.
ورواية هشام بن المثنى عن أبي عبد الله عليهالسلام الواردة في تفسير قوله تعالى :
__________________
(١) الكافي ٧ : ٤٥٨ / ٢٣ ، باب النذور ، تهذيب الأحكام ٨ : ٣٠٧ / ١١٤٤ ، وسائل الشيعة ٢٣ : ٣١٤ ـ ٣١٥ ، كتاب النذر والعهد ، ب ١٤ ، ح ١.
(٢) أقول : ومن أوضح الأخبار دلالة على ما ذكرنا حديث دخول الصوفيّة على أبي عبد الله عليهالسلام المرويّ في (الكافي) (١) فإنه واضح الدلالة غير بعيد عن أصل الوقوف (٢) على ما تضمنه من ذلك. منه وفقه الله. (هامش «ح»).
(٣) الكافي ٤ : ٥٣ / ٧ ، باب فضل القصد.
(٤) تفسير العياشي ١ : ١٠٦ / ٢١٨.
(٥) البقرة : ١٩٥.
__________________
١ ـ الكافي ٥ : ٦٥ ـ ٧٠ / ١ ، باب دخول الصوفية على أبي عبد الله عليهالسلام.
٢ ـ كذا في الأصل.