على عدمه يرجح العمل بمقتضى البراءة الأصلية.
نعم ، ما ذكره يتم في القسم الثالث من أقسام الاستصحاب ؛ لدلالة الدليل على الحكم مطلقا ، فعند عروض شبهة الرافع يمكن التمسّك بإطلاق الدليل والعمل عليه ، وإن كان ظاهرا كما ذكره.
ثم إنه قدسسره ذكر أن من جملة المواضع التي عرضت فيها شبهة الرافع ما ظهرت فيه دلالة على زوال الحكم الأول ، ومنها ما لم يظهر دلالة على ذلك ؛ فيجب الفحص ، ومع العجز عن العلم بالحكم الواقعي يجري على الحكم الظاهري. وعد من الأول المتيمم لفقد الماء.
قال : (فإنه قد ظهرت دلالة على زوال جواز الصلاة بتيمّمه إذا وجد الماء بعد التيمم. وهذه الحالة موجودة قبل الشروع في الصلاة ، ولم يعلم أن الشروع في الصلاة (١) هل هو رافع لهذه الحالة أم لا؟ فيجب التفتيش حينئذ ، ومع العجز عن العلم بما هو واقع الحكم ما مر) انتهى.
وتوضيح مراده أن مقتضى العمل بالاستصحاب في مثال المتيمّم ، هو عدم صحة الصلاة لا صحتها كما هو المشهور ؛ وذلك لأن الدليل كما دل على صحة التيمم مع فقد الماء وصحة الصلاة به ، فقد دل أيضا على انتقاض التيمم بوجود الماء. وهو مطلق غير مقيد بوقت مخصوص ولا حالة مخصوصة ، وهو رافع للحكم الأول ومقيد له ، والداخل في الصلاة بتيمّمه لو وجد الماء في الأثناء ، فقد علم بمقتضى إطلاق الدليل على انتقاض التيمم بوجود الماء انتقاض تيممه هنا ، ولم يعلم أن التلبس بالصلاة هل هو رافع ومقيّد لذلك الإطلاق أم لا؟
فمقتضى الاستصحاب العمل على إطلاق ذلك الدليل ، وهو يقتضي الانتقاض
__________________
(١) ولم يعلم أن الشروع في الصلاة ، من «ح».