وإلغاء موضع الشبهة. وأنت خبير بأنه على هذا (١) التوجيه يصير هذا الاستصحاب هنا من قبيل القسم الثالث من الأقسام المتقدمة.
وقال بعض فضلاء متأخري المتأخّرين ـ بعد البحث في المسألة ، وبيان أن الاستصحاب المختلف فيه لا يكون إلّا في الأحكام الوضعية ، أعني : الأسباب والشرائط والموانع للأحكام الخمسة من حيث إنها كذلك ـ ما لفظه : (والحق ـ مع قطع النظر عن الروايات ـ عدم حجية الاستصحاب ؛ لأن العلم بوجود السبب أو الشرط أو المانع في وقت لا يقتضي العلم ، بل ولا الظن بوجوده في غير ذلك الوقت ، فالذي يقتضيه النظر بدون ملاحظة الروايات ، أنه إذا علم تحقّق العلامة الوضعية تعلق الحكم بالمكلف ، وإذا زال ذلك العلم بعلم وشك (٢) ، بل وظن أيضا ، يتوقف على الحكم الثابت أولا. إلّا إن الظاهر من الأخبار أنه إذا علم وجود شيء فإنه يحكم به حتى يعلم زواله) (٣).
ثم أورد جملة من الأخبار الدالة على عدم انتقاض اليقين إلّا بيقين مثله ، وأنه لا ينتقض بمجرد الشك في الناقض ، بل ولا ظنه ، وأورد أخبارا اخر مقصورة على موارد مخصوصة ، وقال بعد ذلك : (لا يقال : هذه الأخبار الأخيرة إنّما تدل على حجية الاستصحاب في مواضع مخصوصة ، فلا تدل على حجيته على الإطلاق.
لأنا نقول : الحال على ما ذكرت من أن ورودها في موارد مخصوصة ، إلّا إن العقل يحكم من بعض الأخبار الدالة على حجيته مطلقا ، ومن حكم الشارع في موارد مخصوصة كثيرة ـ كحكمه باستصحاب الملك وجواز الشهادة به ، حتى
__________________
(١) ليست في «ح».
(٢) في «ح» والمصدر : بطروء شك ، بدل : بعلم وشك.
(٣) الوافية في اصول الفقه : ٢٠٣.