فأبى إلّا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)؟ الآية (١)» (٢)) (٣) انتهى.
واقتفاه في ذلك أيضا المحدث الكاشاني ـ طاب ثراه ـ قال : (ولعل في قوله سبحانه (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا) دون قوله [يتحاكمون] (٤) إشارة إلى ذلك أيضا) (٥) انتهى.
أقول : ومثل رواية أبي بصير المذكورة ، روايته الاخرى عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «يا أبا محمد ، لو كان لك على رجل حق ، فدعوته إلى حكام أهل العدل ، فأبى عليك إلّا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له ، لكان ممّن حاكم إلى الطاغوت ، وهو قول الله عزوجل (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا) الآية» (٦).
واستشكل الفاضل الخراساني قدسسره في كتاب (الكفاية) ، وقبله المحقق الأردبيلي ـ نوّر الله مضجعيهما (٧) ـ في الحكم المذكور ، فقال في كتاب (الكفاية) ـ بعد نقل كلام (المسالك) المتقدم ـ : (وفيه إشكال ؛ لأن حكم الجائر بينهما فعل محرم ، والترافع إليه يقتضي ذلك ، فيكون إعانة على الإثم ، وهي (٨) منهي عنها (٩)) (١٠) انتهى.
__________________
(١) النساء : ٦٠.
(٢) الكافي ٧ : ٤١١ / ٢ ، باب كراهية الارتفاع إلى قضاة الجور ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١١ ـ ١٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١ ، ح ٢.
(٣) مسالك الأفهام ١٣ : ٣٣٥ ـ ٣٣٦.
(٤) من المصدر ، وفي «ح» : تحاكموا ، وفي «ق» : يتحاكموا.
(٥) الوافي ١ : ٢٩٠ / ذيل الحديث : ٢٣٠.
(٦) الكافي ٧ : ٤١١ / ٣ ، باب كراهية الارتفاع إلى ولاة الجور.
(٧) في «ح» : مضجعه.
(٨) في «ح» : وهو.
(٩) في قوله تعالى (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ). المائدة : ٢.
(١٠) كفاية الأحكام : ٢٦٢.