ثم قال : (فإن قيل : فما يصنعون في تكاليفهم وقت السعي والاكتساب للاجتهاد؟ قلنا : عند ضيق وقت الصلاة ـ مثلا ـ يأتي المكلف بها على حسب الممكن ، كما يقال فيمن لا يحسن القراءة ولا الذكر عند الضيق : إنه (١) يقف بقدر زمان القراءة ثم يركع. وعلى هذا النهج حكم سائر التكاليف. وليس ببعيد في هذه الحال الاستعانة بكتب المتقدمين على معرفة بعض الأحكام).
ثم قال : (فان قيل : فما تقول فيما نقل عن الشيخ السعيد فخر الدين أنه نقل عن والده جواز التقليد للموتى في هذه الحالة (٢)؟
قلت : هذا بعيد جدا ؛ لأنه رحمهالله صرّح في كتبه الاصوليّة (٣) والفقهية (٤) بأن الميت لا قول له. وإذا كان بحسب الواقع لا قول له لا يتفاوت (٥) عدم الرجوع إليه (٦) في حال الضرورة والاختيار. ولعله رحمهالله أراد : الاستعانة بقول المتقدمين في معرفة صور المسائل والأحكام مع انتفاء الترجيح ليأتي بالعبادة على وجه الضرورة ؛ لا أنه أراد جواز تقليدهم حينئذ ، فحصل من ذلك توهّم غير المراد) انتهى (٧).
وممن بالغ في ذلك أيضا على وجه حكم بضمان من يتولّى الحكم من هؤلاء للأموال والدماء الشيخ الفاضل المتكلم محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي قدسسره في كتاب (قدس الاهتداء في آداب الإفتاء) ، ونقله عن شيخيه
__________________
(١) ليست في المصدر.
(٢) عنه في الوافية في اصول الفقه : ٣٠٠ ، وقد اشير في الهامش : ٦ من المصدر إلى أن ذلك في كتاب (إرشاد المسترشدين وهداية الطالبين) ، الصفحة الأخيرة. وهو من مخطوطات مكتبة السيد المرعشي برقم (٤٥٤) في قم.
(٣) مبادئ الوصول إلى علم الاصول : ٢٤٨.
(٤) إرشاد الأذهان ١ : ٣٥٣ ، قواعد الأحكام ١ : ٥٢٦ ، وفيه صرّح بأن الميت لا قول له.
(٥) في «ح» بعدها : في معرفة.
(٦) ليست في المصدر.
(٧) حاشية الشرائع : ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ، ٣٢٦ ، باختلاف يسير.