الجليلين المتبحرين الشيخ حسن بن عبد الكريم الفتّال النجفي ، والشيخ زين الدين علي بن هلال الجزائري ، روّح الله روحيهما.
وقال شيخنا الشهيد الثاني ـ رفع الله درجته ـ في رسالته المعمولة في المنع من تقليد الميت بعد أن نقل جواز الحكم كذلك عن كثير من أهل عصره : (إنه مبني على تقليد الميت ، وهو على تقدير جوازه وتحقّق طريقه ، إنّما يكون في آحاد المسائل الجزئية التي تتعلق بالمكلف في صلاته وباقي عباداته ، فكيف سوّغه أهل زماننا في كلّ شيء ، حتى جوّزوا به الحكم والقضاء ، وتحليف المنكر وما ماثله ، وتفريق مال الغائب ، ونحو ذلك من وظائف المجتهدين؟ فإن ذلك غير جائز ، ولا هو محل الوهم ؛ لتصريح الفقهاء بمنعه. بل الأغلب منهم ذكره مرتين في كتابه : الاولى منهما في كتاب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) (١) ، والاخرى في كتاب (القضاء) (٢) ، ولا يحتاج لتفصيل عباراتهم المصرحة بذلك ، فإنها في الموضعين شهيرة واضحة الدلالة جازمة الفتوى بغير خلاف في ذلك بينهم ، بل صرحوا بأن ذلك إجماعي.
وممن ذكر الإجماع على عدم جواز الحكم لغير المجتهد العلّامة في (المختلف) في كتاب القضاء في مسألة استحباب إحضار القاضي من أهل العلم من يفهمه ، قال في آخرها : (إنا أجمعنا على أنه لا يجوز القضاء للمقلد) (٣) ، بل هذا إجماع المسلمين قاطبة ، فإن العامة أيضا يشترطون في الحكم (٤) الاجتهاد ، وإنّما يجوّزون قضاء غيره بشرط أن يوليه ذو الشوكة ، وهو السلطان المتغلب ، وجعلوا ذلك ضرورة. فالقول بجواز القضاء لمن قصر عن هذه الدرجة من غير تولية ذي
__________________
(١) انظر مختلف الشيعة ٤ : ٤٧٧ ـ ٤٧٩ / المسألة : ٨٨ ـ ٨٩.
(٢) انظر مختلف الشيعة ٨ : ٤٣١ / المسألة : ٣٣.
(٣) مختلف الشيعة ٨ : ٤٣١ / المسألة : ٣٣.
(٤) في «ح» : حكم.