وأنت خبير بأن المنقول عن الشيخ علي بن هلال الجزائري رحمهالله فيما تقدم من كلام ابن أبي جمهور هو القول بالمنع ، وهو يخالف ما نقل عنه هنا ، والظاهر ترجيح النقل الأول ؛ فإن الشيخ عليا المذكور من جملة مشايخ ابن أبي جمهور المعاصرين فهو أعرف بمذهبه ، مع احتمال العدول عن أحد القولين إلى الآخر ، فيصح نسبة القولين له معا وإن كان باعتبار وقتين.
أقول : وكيف كان ، فالظاهر هو ما ذكره جلّ الأصحاب ؛ فإنه هو المعتمد في الباب ، والمؤيد بالسنّة و (الكتاب) ، ولكن جملة منهم ـ رضوان الله عليهم ـ إنّما أخلدوا في ذلك إلى دعوى الإجماع ، مع أن أخبار أهل الذكر ـ سلام الله عليهم ـ صريحة الدلالة في ذلك ، مكشوفة القناع ، وهي أولى وأحقّ بالاتّباع ، لكن لا بالنسبة إلى ما يدّعونه ـ رضوان الله عليهم ـ من الاختصاص بالمجتهد الذي ربما ابتنى حكمه وفتواه في بعض الأحكام الشرعية ، على مجرد وجوه مخترعة : ظنيّة أو وهمية ، بل الذي تضمنته تلك الأخبار هو الرجوع إلى من تمسك بذيل (الكتاب) العزيز والسنّة النبوية ، على الصادع بها أشرف سلام وتحية.
فمن الأخبار في ذلك المقبولة المذكورة ، وروايتا أبي خديجة المتقدمتان (١) ، وما رواه الصدوق ـ نوّر الله مرقده ـ في (الفقيه) قال (٢) : قال علي عليهالسلام : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اللهم ارحم خلفائي ـ ثلاثا ـ قيل : يا رسول الله ، ومن خلفاؤك؟ قال : الذين يأتون بعدي ، يروون حديثي وسنّتي» (٣).
وما رواه أيضا قدسسره في كتاب (إكمال الدين وإتمام النعمة) ، عن إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل إليّ كتابا قد سألت فيه
__________________
(١) انظر الدرر ١ : ٢٥٨ / الهامش : ٦ ، ٢٥٩ / الهامش : ٢.
(٢) ليست في «ح».
(٣) الفقيه ٤ : ٣٠٢ / ٩١٥ ، وفيه : من بعدي ، بدل : بعدي.