الفكرية يتفكر ويستدلّ وإن لم يعلم كيفية التفكّر (١) والاستدلال.
وبالجملة ، نسبة علم المنطق إلى الفكر كنسبة العروض إلى الشعر بعينه ، فكما أن الإنسان إذا كانت له قوة شعرية وطبيعة موزونة ينشد الشعر ويميز بين صحيحه وفاسده وإن لم يتعلم العروض ، فكذلك من له قوة فكرية يتفكر ويستدل ويميز بين صحيحه وفاسده وإن لم يتعلم المنطق. واحتمال الخطأ مشترك بين العالم والجاهل ، وكذا سببه الذي هو الغفلة ، وعدم بذل الطاقة.
وكما يحصل التمييز من المنطق كذلك قد يحصل من المعلّم والمنبه ؛ فإنه كثيرا ما يغلط الإنسان في فكره ، فإذا عرضه على غيره ينبّهه ويشير عليه بموضع (٢) خطئه (٣). ولو نفع المنطق في العصمة عن (٤) الخطأ لكان أهله أعلم الناس وأصوبهم في المذهب ، ولم يقع الخطأ منهم أصلا ، وليس كذلك كما هو معلوم) (٥) انتهى كلامه زيد مقامه.
ثم لا بد ، في العمل ب (القرآن) بعد ما ذكرنا من معرفة الناسخ من المنسوخ ، والاقتصار على ما كان نصّا محكما ، والرجوع فيما عداه إلى تفسير أهل البيت ـ صلوات الله عليهم ـ وإلّا فالتوقف. ولا بدّ في معرفة الحكم من الأخبار من بذل الوسع حسب الإمكان في الاطّلاع عليها من مظانها من الكتب الأربعة وغيرها من الاصول ، ومن قصرت يده عن ذلك فالواجب عليه التوقّف والإحجام عن الخوض في هذا المقام الذي هو من مزالّ الأقدام ومداحض الأفهام. ولا بدّ من الجمع بين مختلفاتها بما صرحت به القواعد المأثورة مما سنتلوه عليك إن شاء
__________________
(١) في «ح» : الفكر.
(٢) في «ح» : موضع.
(٣) من «ح» ، وفي «ق» : خطابه.
(٤) العصمة عن. من «ح» ، وفي «ق» : الوصول في.
(٥) الاصول الأصيلة : ١٥٦ ـ ١٥٧.