وربما يفهم ذلك من مرفوعة زرارة ، لأمره عليهالسلام له بذلك ، فإنه دال بإطلاقه على ما هنالك.
وثالثها : حمل أخبار التخيير على العبادات المحضة كالصلاة ، وحمل أخبار الإرجاء على غيرها من حقوق الآدميين من دين أو ميراث على جماعة مخصوصين أو فوج أو زكاة أو خمس ، فيجب التوقّف عن الأفعال الوجودية المبنية على تعيين أحد الطرفين بعينه. ذهب إليه المحدث الأمين الأسترابادي قدسسره في كتاب (الفوائد المدنية) (١). والظاهر أن وجهه اشتمال المقبولة المذكورة الدالة على الإرجاء ، على كون متعلق الاختلاف حقوق الناس.
وفيه أن تقييد إطلاق جملة الأخبار الواردة بهذه الرواية لا يخلو من إشكال ؛ فإنها ليست نصّا في التخصيص ، بل ولا ظاهرة فيه حتى يمكن ارتكاب التخصيص بها ، وخصوص السؤال لا يخصّص الجواب كما صرّح به غير واحد من الأصحاب. وجملة الأصحاب إنّما فهموا من الرواية المذكورة العموم ؛ ولذلك استنتجوا منها قاعدة كلية في المقام. على أن الرواية في (الفقيه) (٢) غير مشتملة على السؤال عن الدين والميراث ، بل السؤال فيها عن رجلين اختار كلّ منهما رجلا ، كما أسلفنا نقله.
ورابعها : حمل خبر الإرجاء على ما لم (٣) يضطر إلى العمل بأحدهما ، والتخيير على حال الاضطرار والحاجة إلى العمل بأحدهما. ذهب إليه الفاضل المتكلم ابن أبي جمهور في كتاب (عوالي اللآلي) (٤) ، وظاهره حمل كلّ من خبري الإرجاء والتخيير على العمل خاصة ، أعم من أن يكون (٥) في زمن الغيبة أو عدم إمكان
__________________
(١) الفوائد المدنيّة : ١٩٢.
(٢) الفقيه ٣ : ٥ ـ ٦ / ١٨.
(٣) من «ح» ، وفي «ق» : يعلم.
(٤) عوالي اللآلي ٤ : ١٣٧.
(٥) أن يكون ، من «ح».