أقول : والخبر طويل قد اختصرنا منه موضع الحاجة ، ولعل ما اشتمل عليه مخصوص بالأخبار الواردة عنه صلىاللهعليهوآله ، كما هو منطوق الخبر ؛ إذ تقييد ما عدا هذا الخبر من تلك الأخبار المتعددة على ما هي عليه من الظهور في الإطلاق بهذا الخبر لا يخلو من إشكال.
ويوضح ذلك أن الغرض من الترجيح بالطرق المذكورة إنّما هو لإخراج ما احتمل كونه كذبا أو تقيّة ؛ والأول يخرج بالعرض على الكتاب ، كما هو مصرّح به في الخبر المذكور ، والثاني غير واقع في أخباره صلىاللهعليهوآله ، والله العالم.
وسابعها : حمل الإرجاء على النهي عن الترجيح ، والعمل بالرأي والتخيير على الأخذ من باب التسليم والرد اليهم عليهمالسلام لا إلى الرأي والترجيح بما يوافق الهوى ، كما هو رأي (١) أبي حنيفة وأضرابه ، وهذا الوجه نقله بعض مشايخنا احتمالا والظاهر بعده.
وثامنها : حمل أخبار الإرجاء على حكم غير المتناقضين ، وحمل خبر التخيير على المتناقضين ، نقله بعض شراح اصول (الكافي) (٢) عن بعض الأفاضل. وفيه أنه قد روى ثقة الإسلام في (الكافي) في الموثّق عن سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه ، أحدهما يأمره بأخذه ، والآخر ينهاه [عنه] ، كيف يصنع؟ قال : «يرجئه حتى يلقى من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه» (٣).
قال في (الكافي) ـ بعد هذه الرواية ـ : وفي رواية : «بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك» (٤).
__________________
(١) في «ح» : قول.
(٢) انظر شرح الكافي (المازندراني) ٢ : ٤٠٣.
(٣) الكافي ١ : ٦٦ / ٧ ، باب اختلاف الحديث.
(٤) المصدر نفسه.