ومورد هذه الرواية : المتناقضان ، مع أنه حكم فيهما بالإرجاء ، وحكم في الرواية المرسلة بعدها بالتخيير ، والمورد واحد ، وكذلك رواية سماعة المتقدّمة في الوجه الثاني نقلا من كتاب (الاحتجاج) ، فإن موردها المتناقضان ، مع أنه حكم فيها بالإرجاء.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنه يمكن ترجيح الوجه الأول بقوله عليهالسلام ـ في حديث الميثمي المتقدم ـ : «ردوا علمه إلينا ولا تقولوا فيه بآرائكم» ، فإن ظاهره (١) فيه النهي عن الإفتاء والحكم خاصة ، ولا ينافيه التخيير في الفعل تسليما لهم عليهمالسلام. وعليه يدل ظاهر رواية الحارث بن المغيرة المتقدّمة في الوجه الثاني (٢) ، فإن ظاهرها أنه متى كان نقلة الحديث كلّهم ثقات ، فموسع عليك في العمل بقول كلّ منهم ، حتى ترى الإمام القائم (٣) ، أي الموجود في ذلك العصر ، القائم بالأحكام الشرعية ، فترد إليه الحكم والفتوى في ذلك ، وإلّا فلا معنى للسعة المذكورة ، سيما لو كان الغرض إلجاء الحاجة إلى العمل بأحدهما ، بل هو ضيق حينئذ. وكذا موثقة سماعة المتقدّمة نقلا عن (الكافي) ؛ فإن ظاهر قوله فيها : «فهو في سعة حتى يلقاه» مفرّعا له على الإرجاء المشعر ذلك باختلاف متعلقها أن السعة إنّما هي باعتبار التخيير بين الفعل وعدمه ، والإرجاء باعتبار الحكم خاصة. وذلك أن المفروض في الخبر كون الخبرين متناقضين ، أحدهما يأمر والآخر ينهى في شيء واحد (٤). فإرجاء
__________________
(١) من «ح» ، وفي «ق» : ظاهر.
(٢) انظر الدرر ١ : ٢٩٦ / الهامش : ٢.
(٣) الاحتجاج ٢ : ٢٦٤ / ٢٣٤ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٤١.
(٤) أقول ويحتمل في موثقة سماعة المذكورة معنى ما ذكرنا في المتن وهو أن الأصلح إنما هو بترك الفعل لا بترك العمل بالخبرين ؛ بناء على أن المستفاد من بعض الأخبار ـ كما حققناه أنه تردد بين الوجوب والتحريم ـ وجهان ؛ أحدهما على التعيّن كأن الاحتياط في الترك ، والثاني كأن الواجب واقعا هو الفعل. ورواية سماعة المتقدّم نصها من (الاحتجاج) ظاهره في ذلك ، والله العالم. منه رحمهالله ، (هامش «ح»).