نفسه بالعدل والإكرام ، ويتمدّح بالفضل والإنعام.
وما نحن فيه كذلك ؛ إذ الفرض أن المكلف لم يخلّ بشيء يوجب الإبطال ، ولم يأت بمناف يوجب الإخلال.
فإن قيل : إنه قد أخل فيها بالإقبال الذي هو روح العبادة ، كما ورد من أنه لا يقبل منها إلّا ما أقبل عليه بقلبه ، فربما قبل نصفها أو ربعها أو نحو ذلك.
قلنا : لا ريب أن الأمر بالإقبال والتوجه والخشوع إنما هو أمر استحبابي ، وكلامنا الذي عليه بني الاستدلال إنما هو في الأمر الإيجابي ؛ فلا منافاة. وأما الأخبار المذكورة فيجب تأويلها بما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ومنها أنا نقول : إن عدم القبول مستلزم لعدم الصحة ، وذلك (١) فإنه لا يخلو إما أن يراد بعدم القبول : الرد بالكلية ، وعود العمل إلى مصدره كما كان قبل الفعل ، ويكون كأنه لم يفعل شيئا بالمرة. ولا ريب أن هذا مناف للصحة ، إذ هي نوع من القبول لإسقاطها التكليف الثابت في الذمة بيقين ، فكيف يعود العمل إلى مصدره كما كان أولا؟ وإما بأن يراد به : إيقاف العمل على المشيئة واحتباسه حتى يحصل له مكمل فيقبل ، أو محبّط فيرد ؛ نظرا إلى ما ورد من احتباس صلاة مانع الزكاة حتّى يزكّي (٢) ونحوه (٣). فهو مناف للصحة (٤) عند التحقيق والتأمل بالنظر الصائب الدقيق ؛ لأن الاحتباس والإيقاف لا يكون إلّا لوجود مانع من القبول بالفعل أو فقد شرط ، وعندهما تنتفي الصحة لما عرفت من أنها نوع من القبول ، وقد فرضنا انتفاءه ، هذا خلف.
__________________
(١) ليست في «ح».
(٢) الخصال ١ : ١٥٦ / ١٩٦ ، باب الثلاثة ، وسائل الشيعة ٩ : ٢٥ ، أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحبّ فيه ، ب ٣ ، ح ١٠.
(٣) الخصال ١ : ٢٤٢ / ٩٤ ، باب الأربعة ، وسائل الشيعة ٨ : ٣٤٩ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٢٧ / ح ٣.
(٤) في «ح» بعدها : أيضا.