وثانيها : أن معناه : (أنه ليس لك من العدد إلّا الوحدانية ، والمراد : أنه ليس بداخل في العدد ، بل له تعالى هذا الوصف بمعنى آخر) (١). ولعل ذكر العدد لفائدة أنه إذا وصف تعالى بكونه أحدا ربما يتوهم منه أن أحديته عددية يلزمها ما يلزم الوحدة العددية. فقوله عليهالسلام يدل على أنه ليس له إلّا الوحدانية المغايرة لوحدة العدد ، المشاركة لها في الاسم.
ويحتمل أن يكون في التعبير بالوحدانية دون الواحدية إشارة إلى أن العدد هنا ليس العدد الذي له الواحدية ، بل الذي له الوحدانيّة ، فيكون مسمّى بالعدد مجازا ، والمعنى : إذا عدّت الموجودات كنت أنت المتفرد بالوحدانية من بينها.
وثالثها : أن معناه : (أن لك من جنس العدد صفة الوحدة ، وهو كونك لا شريك لك ، ولا ثاني لك في الربوبية) (٢).
ورابعها : أن المراد به : (أن لك وحدانية العدد بالخلق والإيجاد لها ، فإن الوحدة العددية ؛ من صنعه وفيض وجوده) (٣). ولا يخفى أنه بمعزل عن المقام كما لا يخفى على ذوي الأفهام.
وخامسها : أن المعنى : (أنه لا قيوم واجب بالذات إلّا أنت. ويكون معناه : أن الوحدة العددية ظل الوحدة الحقّة الصرفة (٤) القيّومة ؛ فسبيل اللام في قوله عليهالسلام : لك سبيلها في قوله : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (٥)) (٦). والظاهر بعده.
وسادسها : أن الياء في ال «وحدانية» ياء النسبة ، وحاصل المعنى (أن الوحدانيّة ـ التي نسبت إليها الأعداد وتركّبت منها ، وهي لم تدخل تحت عدد ـ مخصوصة بالإطلاق عليك لا تطلق على غيرك ؛ لأن كل ما سواك فله ثان يندرج معه تحت
__________________
(١) انظر منية الممارسين : ٣١٦.
(٢) انظر رياض السالكين ٤ : ٢٩٥.
(٣) انظر المصدر نفسه.
(٤) من «ح» ، وفي «ق» : المعرفة.
(٥) البقرة ٢٥٥.
(٦) انظر منية الممارسين : ٣١٦.