فيه.
فالاختلاف أمر ملحوظ في الأحاديث ، وقد يُنقَل عن الصحابي الواحد نقلان متخالفان ؛ فالتكبيرتان والأربع في أوّل الأذان مثلاً ورد كلّ منهما عن عبدالله بن زيد ، والتثويب وعدمه جاءا عن أبي محذورة ، واختص خبر الترجيع (١) بأبي محذورة دون غيره من المؤذنين ، فما سبب كلّ هذا الاختلاف والكل ينسب فعله إلى الصحابة؟
«فمالك والشافعي ذهبا إلى أنّ الأذان مثنى مثنى والإقامة مرّة مرّة ، إلاّ أنّ الشافعيّ يقول في أوّل الأذان (الله أكبر) أربع مرات ويرويها محفوظاً عن عبدالله بن زيد وأبي محذورة ، وهي زيادة مقبولة والعمل بها في مكّة ومن تبعهم من أهل الحجاز.
لكن مالكاً وأصحابه ذهبا إلى تثنية التكبير ، وقد رووا ذلك من وجوه صحاح من أذان أبي محذورة ومن أذان عبدالله بن زيد وعليه عمل أهل المدينة من آل سعد القرظ» (٢).
واتفق مالك (٣) والشافعي (٤) على الترجيع في الأذان ، لكن الحنابلة (٥)والأحناف (٦) قالوا : لا ترجيع في الأذان ، وكلٌ استند فيما ذهب إليه إلى نقله عن بعض الصحابة!!
__________________
(١) الترجيع في الأذان هو تكرير الشهادتين جهراً ، هكذا فسره الصاغاني ، انظر : تاج العروس ٥ : ٣٥١.
(٢) انظر : فتح المالك ١ : ٧. وفتح الباري لابن رجب الحنبلي ٣ : ٤١٣.
(٣) فتح المالك ١ : ٨.
(٤) المجموع للنووي ٣ : ٩٠.
(٥) المغني لابن قدامة ١ : ٤١٦. فتح الباري لابن رجب ٣ : ٤١٤.
(٦) المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٨ ، الهداية شرح البداية ١ : ٤١ باب الأذان.