آخر الأذان ، ليتسنى لهم ادعاء أنّ الرواية وردت بجعل «الصلاة خير من النوم» في آخره لا الحيعلة الثالثة.
الثانية : أنّ زيادة «الصلاة خير من النوم» جاءت متأخّرة ، وقد قال مالك عنها أنّها ضلال (١) ، ورجع الشافعي عن القول بها في الجديد (٢) ؛ لعدم ثبوت ذلك عن أبي محذورة ، وهو مؤشّر على عدم شرعيّتها في أصل الأذان ، فلو كان الأمر كذلك فالزيادة مشكوك فيها ولا يمكن الأخذ بها ، وقد جاء في مصنف ابن أبي شيبة عن الأسود بن يزيد قوله وقد سمع المؤذّن يقول «الصلاة خير من النوم» فقال : لا يزيدون في الأذان ما ليس سنّة (٣).
الثالثة : إنّ ما زعمه ابن حجر من وضع حديث : نار تلتقط مبغضي آل محمّد ، واتّهم به أحمد بن محمّد بن السريّ ، فباطل.
إذ لا شاهد له على ذلك إلاّ استعظامه واستكباره أن يرد مثل هذا الحديث في فضل آل محمّد ، ولو أنصف لعلم أنّ مبغضي آل محمّد في النار وأنّه لا استكبار ولا استعظام. وهناك روايات كثيرة تشير إلى هذا المعنى ، فقد يكون أحمد بن محمّد بن السري نقل الحديث بالمعنى ، وهو جائز عند الفريقين ، ومحض الانفراد ـ لو صحّ ـ لا يدلّ على الوضع ، خصوصاً مع أنّ لحديثه هذا شواهد ومتابعات كثيرة ، وأحمد هذا ثقة بإجماعهم ، ولم يعيبوا عليه إلاّ شيئاً لا يصح به قدح.
__________________
(١) انظر : مواهب الجليل ٢ : ٨٣ كتاب الصلاة ، فضل الأذان والإقامة ، حيث صرّح بأن التثويب ضلال ، فتمحّل بعضهم وقالوا إن المراد بالتثويب «حيّ على خير العمل» وقال آخر المراد هو التثويب الثاني وهو خنق للحقيقة ، خصوصاً وقد حكي عن مالك تجويزه الحيعلة الثالثة كما سيأتي في آخر القسم الثالث من هذا الفصل «جزئية حي على خير العمل» ، والباب الثاني من هذه الدراسة «الصلاة خير من النوم شرعة أم بدعة».
(٢) الأمّ ١ : ٨٥.
(٣) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ١٨٩.