على عليّ لجاز مثله على أبي بكر وعمر وعثمان ، وحاشا لهم من هذا فما يَظنُّ هذا بهم ولا بأحد منهم مسلمٌ أصلاً.
فإن قالوا : ليس أذان مكّة ولا أذان الكوفة نقل كافّة.
قيل لهم : فإن قالوا لكم : بل أذان أهل المدينة ليس هو نقل كافة ، فما الفرق؟
فإنِ ادّعوا في هذا محالاً ادُّعي عليهم مثله.
فإن قالوا : إن أذان أهل مكّة وأهل الكوفة يرجع إلى قوم محصور عددهم.
قيل لهم : وأذان أهل المدينة يرجع إلى ثلاثة رجال لا أكثر ، مالك وابن الماجشون وابن أبي ذئب فقط ، وإنّما أخذه أصحاب هؤلاء عن هؤلاء فقط.
فإن قالوا : لم يختلف في ..» (١).
إلى غيرها من عشرات الأسئلة التي طرحها ابن حزم وسعى لرفعها ، لكن المشكلة بقيت كما هي ، فما الذي تكتنفه هذه المسألة من الملابسات إذاً؟
وهل يُعدّ هذا الاختلاف حقاً من الاختلاف المسموح به في الشريعة ، أم أنّه شيء آخر؟.
بل لِم اشتدّ أُوار النزاع بين المسلمين في أمور بديهية ، كالوضوء والأذان ـ مثلاً ـ وهما من الأمور العبادية التي يؤدّيها كلّ مسلم عدّة مرّات في اليوم والليلة؟
قال ابن حزم : «أربعة أشياء تَنازَع الناسُ فيها : الوضوء ، والأذان ، والإقامة ،
__________________
(١) المحلّى لابن حزم ٣ : ١٥٤ ـ ١٥٥.