والطواف بالبيت»(١).
وهل يمكن جعل معيار الاختلاف في الأذان بمثابة الاختلاف في تعيين المُدِّ والصاع والوسق الذي يُختلف فيه بين منطقة وأُخرى ، أو يُغيَّر ـ أي يُحدَثُ فيه من قبل الأمير والخليفة لحاجةٍ له فيه؟
كلا «ليس هذا من المدّ والصاع والوسق في شيء ، لأنّ كل مدّ أو قفيز أُحدث بالمدينة وبالكوفة قد عُرف ، كما عُرف
بالمدينة مُدّ هشام الذي أُحدِث ، والمدّ الذي ذكره مالك في مُوطّئه : أن الصاع هو مدّ وثلث بالمدّ الآخر ، وكمدّ أهل الكوفة الحجّاجي ، وكصاع عمر بن الخطّاب. ولا حرج في إحداث الأمير أو غيره مدّاً أو صاعاً لبعض حاجته ، وبقي مُدُّ النبيّ وصاعه ووسقه منقولاً إليه نقل الكافّة إليه»(٢)!
فكيف يختلفون في الأذان إذاً ، فيذهب بعضهم إلى أنّه شُرّع في السماء ، ويقول الآخر إنّه شُرّع بعد رؤيا رآها صحابيٌّ أو عدد من الصحابة؟
وهل يصحّ تشريع العبادة بمنام يراه أحد الناس ، أم أنّ تشريعها يجب أن يكون بوحي من الله؟
وكيف يسوغ تشريع الأذان أستناداً إلى رؤيا رآها عبدالله بن زيد بن عبد ربه في منامه ، أو ركوناً إلى اقتراح الصحابة(٣) ، ويرجح هذا الفهم وهذه الرؤية على أن
__________________
(١) المحلّى لابن حزم ٣ : ١٦١ ضمن بحثه عن جواز التقديم والتأخير في الأذان والإقامة وعدمه.
(٢) المحلّى لابن حزم ٣ : ١٥٦ ـ ١٥٧.
(٣) سنن أبي داود ١ : ١٣٤ كتاب الصلاة باب بدء الأذان ح ٤٩٨ ، مصنف عبدالرزاق ١ : ٤٥٦/١٧٧٥ كتاب الصلاة باب بدء الأذان.