ولو نقّبت في الكتب وتتبّعت أقوال المورخين في ابن عمر لوقفت على أنّ المشهور عندهم أنّه كان يتحرّى آثار النبيّ الأكرم ، وقد سُطِّرَتْ في كتاب «منع تدوين الحديث» ثمان وثلاثون حالة اختلف فيها عبدالله بن عمر مع أبيه.
إذ كان ابن عمر في أغلبها يحاول اتّباع سنّة رسول الله ، لكنّ عمر لم يأبه بكلام ابنه ، ملتزماً برأيه ، عاملاً بالقياس أو الاستحسان وما شابه ذلك ..
فبماذا يُفَسَّر إذاً خلاف ابن عمر مع أبيه؟ نحن لا نريد بكلامنا هذا القول بأنّ ابن عمر كان من اتباع نهج التعبد المحض ، أو أنّه لا يجتهد مقابل النص ، لكن الصبغة الغالبة عليه هي شهرته بتحري أثار رسول الله واتّباع سننه لا الاجتهاد والرأي.
ولمّا كان عمر هو الذي أمر بـ «الصلاة خير من النوم» ، وهو الذي نهى عن «حيّ على خير العمل» ، كان فعل الصحابة في هذا المورد هو الحاكم وهو الحجّة عندهم بخلاف ما يدّعون من أنَّ فعل النبيّ الأكرم هو الحجة لا غير.
وبهذا ، فقد عرفنا شرعية الأذان بحيّ على خير العمل ، وانه لم ينسخ من قِبَلِ رسول الله صلىاللهعليهوآله كما يقولون ، وما ذُكِر من إشكالات كلّها كانت واهية لا تناهض الأدلة ، بل وقفتَ ـ عزيزي القارئ الكريم ـ على بعض تحريفات الأمويين ومن اتبعوهم من المتزلفين المتزلفين وكيف حرّفوا قول أبي محذورة (فلما انتهيت إلى حيّ على الفلاح قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : ألحِق فيها حيّ على خير العمل) ، وأبدلوها بـ (اجعل في آخر أذانك حيّ على خير العمل) فان هذا الكلام باطل وتحريف صريح للنصوص. لأنّ «ألحِق فيها حيّ على خير العمل» يؤكد على أن مكان الحيعلة الثالثة هو بعد