وقال تعالى (وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْر إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِين) (١).
وقال على لسان نبيّه صلىاللهعليهوآله : (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْر إِلاَّ مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً) (٢) فما يعني ذلك ، وعلى أيّ شيء يدل؟
إن المقدمة السابقة قد تكون وضحت جواب هذا الأمر ، خصوصاً بعدما عرفت أنّ رسالة المصطفى هي الرسالة الخاتمة ، فلا يمكن إبقاء هذه الرسالة إِلاَّ بـ (ذِكْرٌ لِلْعَالَمِين) و (مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً) وهما القرآن والعترة ، وذلك لوجود نصوص كثيرة تشير إلى أنّ أهل البيت هم (الذكر) و (السبيل) إلى الله ، وهو ما اصطلح عليه في كلام النبيّ صلىاللهعليهوآله بالثقلين ، فيصير معنى الآية وكلام النبيّ لزوم اتّخاذ السبيل إلى الله وهم القربى ، وأنّ اتّخاذ هذا السبيل سيعود نفعه على الناس ، (عليكم). أمّا أجر رسول الله فهو على الله لقوله سبحانه في سورة سبا (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْر فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيدٌ) (٣). ومعنى الآية : أني قمت بواجبي ، وأدّيت ما علَيَّ ، ولا أسألكم عليه من أجر بعد المودّة إن أجري إلاّ على الله ، لكن لو أردتم الانتفاع من هذه الرسالة والنجاة فاتصلوا بالسبب الممدود بين الأرض والسماء وهو القرآن والعترة.
وبهذا فلا تناف بين قوله (لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) وبين قوله (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْر فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ) (٤).
إنّ هذا لَيقترب بنا من فهم المعنى العميق لـ «حيّ على خير العمل» الذي نصّ
__________________
(١) يوسف : ١٠٤.
(٢) الفرقان : ٥٧.
(٣) سبأ : ٤٧.
(٤) للإمام الباقر توضح بهذا الصدد انظر : روضة الكافي ٨ : ٣٧٩.