عليه أهل البيت : الذين هم أعلم الناس بدين الله بما فازوا به من تطهير الله تعالى إيّاهم تطهيراً شاملاً ، في المعرفة والمعتقد ، وفي المواقف والعمل. وهذا المعنى الذي يتضمنه «حيّ على خير العمل» هو الولاية أو برّ فاطمة وولدها أو ما شابه ذلك ، لما اتّضح لك في الصفحات السابقة من أنّ الأذان هو بيان لاُصول العقيدة ، ولمّا كانت الولاية امتداداً للرسالة فلا غرابة في أن تكون أجر الرسالة ، خصوصاً مع ما نعرف من تأكيدات رسول الله صلىاللهعليهوآله على أهل بيته وقرباه المنتجبين.
لقد أكّد رسول الله على العترة بدءًا من (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (١).
ومروراً بحجة الوداع التي خطب فيها رسول الله خمس مرات ، وختماً بالكتاب الذي منعوه من كتابته في آخر حياته الشر يفة.
قال الحلبي في سيرته : «خطب النبيّ خمس خطب : الأولى يوم السابع من ذي الحجة بمكة ، والثانية يوم عرفة ، والثالثة يوم النحر ، والرابعة يوم القرّ بمنى ، والخامسة يوم النَّفر الأوّل بمنى» (٢).
وقد روى مسلم وأحمد وغيرهما ـ خطبته صلىاللهعليهوآله عند مرجعه من حجة الوداع إلى المدينة ـ عن زيد بن أرقم ، قال : قام رسول الله صلىاللهعليهوآله يوماً خطيباً بماء يُدعى خُمّاً بين مكّة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكّر ، ثمّ قال : ألا أيّها الناس ، إنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أوّلهما كتاب الله منه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال : وأهل بيتي ، أذكّركم في أهل بيتي ، أذكّركم في أهل بيتي ، أذكّركم في أهل بيتي.
__________________
(١) الشعراء : ٢١٤ ، وانظر : في تفسيرها كتب التفاسير والتواريخ اخبار أول البعثة.
(٢) السيرة الحلبية ٣ : ٣٣٣.