فلما أصبح رسول الله قال لقريش : إنّ الله جلّ جلاله قد أسرى بي إلى بيت المقدس وأراني آثار الأنبياء ومنازلهم ، وإنّي مررت بعِير لقريش في موضع كذا وكذا وقد أضلوا بعيراً لهم فشربتُ من مائهم وأهرقتُ باقي ذلك ، فقال أبو جهل : قد أمكنتكم الفرصة منه ، فاسألوه : كم الأساطينُ فيها والقناديل؟
فقالوا : يا محمّد ، إنّ ها هنا من قد دخل بيت المقدس ، فصِفْ لنا كم أساطينُه وقناديله ومحار يبه؟
فجاء جبرئيل فعلّق صورة بيت المقدس تجاه وجهه ، فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه ، فلمّا أخبرهم ، قالوا : حتّى تجيء العير ونسألهم عمّا قلت ، فقال لهم رسول الله : تصديقُ ذلك أن العِير تطلع عليكم مع طلوع الشمس يقدمها جملٌ أورَق.
فلما كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العَقَبة ويقولون : هذه الشمس تطلع [علينا] الساعة ، فبينما هم كذلك إذ طلعت عليهم العِير ـ حتّى طلع القرص ـ يقدمها جمل أورَق ، فسألوهم عمّا قال رسول الله فقالوا : لقد كان هذا ؛ ضلّ جمل لنا في موضع كذا وكذا ، ووضعنا ماءً فأصبحنا وقد أهريق الماء فلم يَزِدْهم ذلك إلاّ عُتوّاً (١).
وروى البغوي في تفسيره عن ابن عبّاس وعائشة عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : لمّا كانت ليلة أُسري بي أصبحت بمكّة فضِقتُ بأمري وعرفتُ أنّ الناس يكذّبوني ، فروي أنّه عليه الصلاة والسلام قعد معتزلاً حزيناً ، فمرّ به أبو جهل فجلس إليه ، فقال له كالمستهزئ : هل استفدتَ من شيء؟
قال : نعم ، إنِّي أُسري بي الليلة.
قال : إلى أين؟
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٣٦٣ ، المجلس ٦٩ ـ الحديث ١. وانظر : الدرّ المنثور ٤ : ١٤٨.