وبين هؤلاء من رفع صوته ـ في ممارساته اليومية ـ فوق صوت النبيّ ، واعترض على رسول الله في أعماله (١) ، وتعرّف المصلحة وهو بحضرته صلىاللهعليهوآله ، وتنزّه في أمر رخّص فيه ، أو تزهّد في أمر نهى عنه.
فجاء في كتاب الآداب من صحيح البخاري أنّ النبيّ رخّص في أمر فتنزّه عنه ناس ، فبلغ النبيّ فغضب ثمّ قال : ما بال أقوام يتنزّهون عن الشيء أصنعه ، فوالله إنّي لأعلمُهم وأشدّهم خشية (٢).
وفي خبر آخر : أُخبر رسول الله أنّ عبدالله بن عمرو بن العاص يقول : والله لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ، فقال له رسول الله : أنت الذي تقول : «لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ما عشت»؟!
قال : قد قلت ذلك يا رسول الله.
فقال رسول الله : إنّك لا تستطيع ذلك فصُمْ وأفطرِ ، ونَم وقُم ، وصُم من الشهر ثلاثة أيّام ، فإنّ الحسنة بعشر أمثالها ، وذلك مثل صيام الدهر.
قال ، قلت : إنّي أُطيق أفضلَ من ذلك.
فقال صلىاللهعليهوآله : فصم يوماً وأفطِر يومين.
قال : قلت : إنّي أطيق أفضل من ذلك.
فقال : قال : فَصُم يوماً وأفطِر يوماً ، فذلك صيام داود عليهالسلام وهو أفضل الصيام.
__________________
(١) كاعتراض عمر بن الخطاب على رسول الله لمّا أراد أن يصلّي على المنافق ، وقوله له : أتصلّي عليه وهو منافق؟! وإنكاره على رسول الله فعله في أخذ الفداء من أسرى بدر وغيرها. انظر : صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب فضائل عمر.
(٢) انظر : صحيح البخاري ٨ : ٣٥٣ كتاب الأدب ، باب من لم يواجه الناس بالعتاب ، ح ٩٧٩.