(فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) أي فو الله لنأتينك بسحر مثل سحرك ، فإن عندنا مثل ما عندك ، فلا يغرنّك ما أنت فاعل.
(فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ) أي فاجعل بيننا وبينك ميقاتا وموعدا نجتمع نحن وأنتم فيه ، فنعارض ما جئت به بما عندنا من السحر.
وإنما قال تلك المقالة ، ليبين أنه قوى القلب ، جلد متمكن من تهيئة وسائل المعارضة ، وترتيب أسباب المغالبة ، طال الأمد أو قصر.
(مَكاناً سُوىً) أي ويكون الاجتماع فى مكان مستو من الأرض لا انخفاض فيه ولا ارتفاع ، فلا جبال ولا وهاد تستر بعض الحاضرين عن بعض.
وقصارى ذلك ـ عيّن لنا زمان المقابلة ومكانها على ألا يكون فيه ما يستر أحدا من الناس عن أحد ليروا ما يصدر منك ومن السحرة.
وغير خاف ما فى ذلك من إظهار الجلد ، وقوة الوثوق بالغلبة.
ثم ذكر رد موسى على ما طلب فقال :
(قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) أي قال موسى : ميعادكم للاجتماع يوم عيد النيروز وكان على رأس سنتهم حين يفرغ الناس من أعمالهم ويجتمعون ، ليكون الحفل عاما ، ويتحدث الناس بذلك الأمر العجيب فى القرى والأمصار ، فتعلو كلمة الله ويظهر دينه ، ويزهق الباطل وينتصر الحق على رءوس الأشهاد.
وفى ذلك من وضوح الحجة ما لا خفاء فيه ، ومن وثوقه بفلجه على خصمه ، وعدم مبالاته به.
(فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠) قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١) فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ