زعيمكم ومعلمكم. قال الكسائي : الصبى بالحجاز إذا جاء من عند معلمه قال جئت من عند كبيرى ، من خلاف : أي من حال مختلفة ، فتقطع الأيدى اليمنى والأرجل اليسرى ، أشد عذابا : أي أدوم ، نؤثرك : أي نفضّلك ونختارك ، فطرنا : أي ابتدعنا وأوجدنا من العدم ، فاقض : أي فاحكم ، جنات عدن : أي جنات أعدت للإقامة ، من تحتها : أي من تحت غرفها ، تزكى : أي تطهّر من أدناس الكفر وأرجاس المعاصي.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه الموعد وهو يوم الزينة ، وذكر أنهم قالوا ائتوا صفا ـ ذكر هنا أنهم بعد أن أتوا خيروه بين أن يبدأ بإلقاء ما معه ، وأن يبدءوهم ، فاختار الثانية ، وحين بدءوا فألقو حبالهم وعصيهم خاف موسى عاقبة أمره ، فأوحى إليه ربه «لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ» فسيكون لك الفلج والظفر عليهم ، وقد تحقق ما وعد الله به ، وكتب له النصر وآمن به السحرة ، فلجأ فرعون إلى العناد والاستكبار ، وتوعد السحرة بأنه سيقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسيصلبهم فى جذوع النخل ، فقابلوا تهديده بالازدراء والسخرية ، وقالوا إنما أنت مسلّط علينا فى هذه الحياة الدنيا ، وعذابك لا يعدوها ، وما عند الله من العذاب لا يضارعه عذاب ، وما عنده من الثواب لا يقدر قدره ، ففى جناته التي تجرى من تحتها الأنهار ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
الإيضاح
(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) أي فأجمع السحرة كيدهم ثم أتوا صفا فقالوا لموسى : اختر لك أحد الأمرين ، إما أن تلقى ما معك ، وإما أن نلقى ما معنا.
وهذا التخيير منهم حسن أدب معه وتواضع منهم ، وتنبيه إلى إعطائه النّصفة