(وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ، وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) أي إن الداعي إلى إقامة الجدار أنه كان تحته كنز ، وكان ليتيمين فى المدينة ، وكان أبوهما امرأ صالحا ، فأراد الله إبقاء ذلك الكنز على ذينك اليتيمين رعاية لحقهما ولصلاح أبيهما ، فأمرنى بإقامة الجدار لتلك المصالح ؛ إذ لو سقط الجدار لضاع الكنز وقد كان مشرفا على السقوط.
(وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) أي وما فعلت الذي رأيتنى أفعله عن رأيى ، ومن تلقاء نفسى ، بل فعلته عن أمر الله إياى به ، لأن الإقدام على تنقيص أموال الناس وإراقة دمائهم لا تجوز إلا بالوحى والنص القاطع.
(ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) أي هذا الذي ذكرت لك من الأسباب التي من أجلها فعلت الأفعال التي استنكرتها ، هو بيان ما تئول إليه الأفعال التي ضقت بها ذرعا ، ولم تصبر حتى أخبرك بها ابتداء.
تنبيه
لذكر هذه القصة فى الكتاب الكريم فوائد :
(١) ألا يعجب المرء بعلمه ، وأ لا يبادر إلى إنكار ما لا يستحسنه ، فلعل فيه سرا لا يعرفه.
(٢) إن فيها تأديبا لنبيه بترك طلب الاستعجال بعقوبة المشركين الذين كذبوه واستهزءوا به وبكتابه ، لأن تأويل ذلك صائر إلى هلاكهم وبوارهم بالسيف فى الدنيا ، واستحقاقهم من الله فى الآخرة الخزي والعذاب الدائم.
(٣) إن ما حدث فيها يجرى مثله كل يوم فى هذه الحياة ، ألا ترى أن قتل الغلام وهو صغير لا ذنب له يشبه الطاعون الذي يهلك الأمم ويفتك بها فتكا ذريعا ، والبهائم التي تفتك بها السباع أو تأكلها الناس ـ ولو تأمل الناس حكمة ذلك لعلموا