(قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) أي إن السحرة قالوا فيما بينهم : إن هذا الرجل وأخاه ساحران خبيران بصناعة السحر ، وهما يريدان أن يغلباكم وقومكم ويخرجاكم من دياركم وتخلص لهم الرياسة دونكم.
وخلاصة ما قالوه التنفير منهما لوجوه ثلاثة :
(١) الطعن فى نبوتهما ونسبتهما إلى السحر ، وكل ذى طبع سليم ينفر من السحر ، ويبغض السحرة ، ويعلم أن السحر لا بقاء له ، ولا ينبغى اتباع من جاء به ، ولا اعتناق مذهبه وطريقته.
(٢) إنّ بغيتهما إخراجكم من أرضكم ، ومفارقة الوطن شديدة الوطأة على النفوس ومن ثم قال فرعون : «أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى».
(٣) إنهما يريدان أن يستوليا على جميع المناصب والرياسات ، ولا يبقيا شيئا من شئون الدولة والتصرف فى أمورها العامة.
وإجمال هذا ـ إنهما إذا تم لهما الأمر أخرجاكم من دياركم ، وتمحّضت لهما الرياسة دونكم.
ثم بين السحرة ما يجب لمقابلة هذا الخطر الداهم ، والبلاء المقبل فقالوا :
(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) أي لا تدعوا شيئا من كيدكم إلا جئتم به ، كما جاء فى آية أخرى «فَجَمَعَ كَيْدَهُ» ثم ائتوا مصطفين مجتمعين ، وألقوا ما فى أيديكم دفعة واحدة لتبهروا الأبصار ، وتعظم هيبتكم لدى النظارة فى هذا المشهد الحافل.
(وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى) أي وقد فاز بالمطلوب من غلب منا ، أما نحن فقد وعدنا بالعطاء الجزيل والقرب من الملك : «قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ» وأما هو فسينال الرياسة ، وما مقصدهم من ذلك إلا تشديد العزائم ، وحفز الهمم ، ليبذلوا أقصى الجهد للفوز والفلج بالمطلوب.