لهم المن والسلوى ، وأنه أمرهم بأكل الطيبات من الرزق وزجرهم عن العصيان ، وأن من عصى ثم تاب كانت توبته مقبولة عند ربه.
الإيضاح
(وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) أي ولقد أوحينا إلى نبينا موسى حين تابعنا له الحجج على فرعون فأبى أن يستجيب لأمر ربه وتمادى في طغيانه : أن أسر بعبادي الذين أرسلتك لإنقاذهم من هذا الطاغية ، واخرج بهم من مصر ، فاتخذ لهم طريقا يابسا فى البحر ، ولا تخف من فرعون وقومه أن يدركوك ، ولا تخش أن يغرقك البحر.
وفى التعبير عن بنى إسرائيل (بِعِبادِي) إظهار للعناية بأمرهم والرحمة لهم ، وتنبيه إلى قبح صنيع فرعون بهم ، إذ هو قد استعبدهم ، وفعل بهم من ضروب الظلم ما فعل ، ولم يراقب فيهم مولاهم الحق.
(فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) أي ولما سرى بهم موسى أتبعهم فرعون بجنوده حين قطعوا البحر ، فغشيهم من اليم ما لا سبيل إلى إدراك كنهه ، فغرقوا جميعا.
(وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) أي وقد سلك بقومه سبيل الضلال فى دينهم ودنياهم ، وما هداهم إلى سبيل الرشاد ، وفى هذا تهكم به إذ قال «وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ».
ثم شرع سبحانه يعدّد نعمه على بنى إسرائيل فقال :
(١) (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ) فرعون وقومه حين كانوا يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ، وأقر عينكم منهم ، إذ أغرقهم وأنتم تنظرون كما قال : «وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ».