(٢) رضا الله عن قول صدر من المشفوع له ، ليأذن بشفاعة الشافع له.
وقصارى ذلك ـ إنما تنفع الشفاعة لمن أذن له الرحمن فى أن يشفع له ، وكان له قول يرضى.
وبمعنى الآية قوله تعالى : «مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ» وقوله «وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى» وقوله : «وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» وقوله : «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً».
ولما نفى أن تنفع شفاعة بغير إذنه علل ذلك بقوله :
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) أي يعلم ما بين أيدى عباده من شؤون الدنيا ، وما خلفهم من أمور الآخرة ، وهم لا يعلمون جملة ذلك ولا تفصيله.
ولما ذكر خشوع الأصوات أتبعه خضوع ذويها فقال :
(وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) أي واستسلمت الخلائق لجبارها الحي الذي لا يموت ، القائم على خلقه بتدبير شؤونهم ، وتصريف أمورهم.
وخص الوجوه بالذكر ، لأنها أشرف الأعضاء الظاهرة ، ولأن آثار الذل والغبطة والسرور تظهر عليها.
(وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) أي وقد حرم الثواب من وافى الموقف وهو مشرك بالله ، كافر بأنبيائه ، أو تارك لأوامره ، منغمس فى معاصيه.
وبعد أن ذكر أهوال يوم القيامة بين حال المؤمنين حينئذ فقال :
(وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) أي ومن يعمل صالح الأعمال على قدر طاقته ، وهو مؤمن بربه ورسله ، وما أنزله عليهم من كتبه فلا يخاف من الله ظلما بأن يحمل عليه سيئات غيره وأوزاره ، ولا يخاف أن يهضمه حسناته فينقصه ثوابها ، ونحو الآية قوله : «وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى».