تلك الأعمال الباطلة نافع لهم ، وكل ذلك وهم وخيال ، فلا فائدة منه فى ذلك اليوم ، ولا نقيم له إذ ذاك وزنا.
روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم قرنه ، وحنى الجبهة وأصغى الأذن. متى يؤمر أن ينفخ؟ ولو أن أهل منّى اجتمعوا على القرن أن يقلّوه من الأرض ما قدروا عليه ، قال : فأبلس (بئس وتحير) أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وشق عليهم ، قال فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا»
والحديث يشير إلى قرب الساعة وأنها أوشكت تجىء.
الإيضاح
(وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً) أي وأبرزنا جهنم يوم ينفخ فى الصور ، وأظهرناها للكافرين بالله ، حتى يروا أهوالها وشديد نكالها ، ويسمعوا لها تغيظا وزفيرا ، وفى هذا تعجيل للهمّ والحزن ، ومعرفة أنهم مواقعوها ، ولا يجدون عنها مصرفا.
ثم بين أوصافهم التي استحقوا بها هذا الجزاء فقال :
(الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) أي إن هذا العذاب إنما بالهم من جراء أنهم كانوا لا ينظرون فى آيات الله فيتفكروا فيها ، ولا يتأملون حججه فيعتبروا بها ، وينيبوا إلى ربهم ، وينقادوا لآمره ونهيه ، وكانوا لا يطيقون أن يسمعوا ذكر الله الذي ذكرهم به ، وبيانه الذي بيّنه لهم فى آي كتابه ، فتغافلوا ، وتعاموا وتصامّوا عن قبول الهدى واتباع الحق كما قال : «وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ».
ذاك أنهم لما دنّسوا أنفسهم باجتراح المعاصي والآثام ، وأطاعوا وساوس الشيطان ، وما نصبه لهم من الحبائل ، طبع الله على قلوبهم وجعل على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة.