ثم بين علة ذلك فقال :
(أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) أي من أجل أنهم نسبوا إلى الله اتخاذ الولد.
ثم نفى ذلك عن نفسه بقوله :
(وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) أي وما يليق به اتخاذ الولد ، لأن ذلك يقتضى التجانس بينهما وأن يكون كل منهما حادثا ، ولأن الولد إنما يكون للسرور به ، والاستعانة به حين الحاجة ، وللذكر الجميل ، إلى نحو أولئك من المقاصد التي يتنزه عنها ربنا جل وعلا.
ثم زاد الإنكار توكيدا فقال :
(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) أي ما من أحد من الملائكة والإنس والجن إلا وهو مملوك له سبحانه ، ينقاد لحكمه ، ويلتجىء إليه حين الحاجة ، ويخضع له خضوع العبد لسيده.
(لَقَدْ أَحْصاهُمْ) أي لقد حصرهم وأحاط بهم ، فهم تحت أمره وتدبيره ، يعلم ما خفى من أحوالهم وما ظهر ، لا يفوته شىء منها.
(وَعَدَّهُمْ عَدًّا) أي وعدّ أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم وأقوالهم ، فكل شىء عنده بمقدار ، عالم الغيب والشهادة.
(وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) أي وكل امرئ منهم يأتيه يوم القيامة وحيدا منفردا عن الأهل والأنصار ، منقطعا إليه تعالى ، محتاجا إلى معونته ورحمته.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨))