وخلاصة ذلك ـ إن الجنة اجتمعت فيها الأسباب التي توجب راحة الإنسان ، وذلك مما يوجب الاهتمام بتحصيل الوسائل التي توجب البقاء فيها ، والابتعاد عما يدعو إلى الخروج منها.
وقصارى ذلك ـ إن لك فيها تمتعا بأنواع المعاش ، وتنعما بأصناف النعم ، من المآكل الشهية ، والملابس البهية.
وبعد أن بين أنه عظم آدم وعرفه شدة عداوة إبليس له بين أنه قبل نصحه ، وأكل من الشجرة التي نهى عن الأكل منها فقال :
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى؟) أي فألقى الشيطان النصيحة إلى آدم وقال له : هل أدلك على شجرة إن أكلت منها خلدت ولم تمت ، وملكت ملكا لا ينقضى ولا يفنى.
(فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) أي فأكل آدم وحواء من الشجرة التي نهيا عن الأكل منها وأطاعا أمر إبليس وخالفا أمر ربهما ، فانكشفت عورتهما وكانت مستورة عن أعينهما ، فشرعا يلزقان ورق التين عليهما ، ليغطيا جسمهما.
(وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) أي وخالف أمر ربه ، وتعدى ما لم يكن له أن يتعدى إليه ، من الأكل من الشجرة التي نهاه الله عن الأكل منها.
(ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) أي ثم اصطفاه ربه من بعد معصيته ، ورزقه التوبة والعمل بما يرضيه حين قال هو وزوجه : «رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ».
(قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) أي قال الرب الذي انتهكت حرمة داره وخولف أمره. انزلا من الجنة إلى الأرض ، أنتما عدو لإبليس وذريته ، وإبليس عدوكما وعدو ذريتكما.
(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) أي فإن يأتكم