ولهم الشأن الخطير ، والقدر العظيم ، فقد وهبه إسحاق وولد لإسحاق يعقوب وقاما مقامه بعد موته وورثا منه النبوة. أما إسماعيل فتولى الله تربيته بعد نقله رضيعا إلى المسجد الحرام فأحيا تلك المشاعر العظام ، ومن ثم أفرده بالذكر بقوله : «وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ» الآية.
ثم صرح بما وهب لأولاده جزاء على هجرته بقوله :
(وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا) أي وجعلنا لكل منهما نسلا وعقبا من الأنبياء أقر الله بهم عينيه فى حياته.
(وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) أي وآتينا هم من فضلنا الديني والدنيوي ما لم نؤته أحدا من العالمين ، فآتيناهم النسل الطاهر ، والذرية المباركة ، وإجابة الدعاء ، واللطف فى القضاء ، والبركة فى المال والأولاد إلى نحو أولئك من خيرى الدنيا والآخرة.
(وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) فمحامدهم مذكورة فى جميع الأزمان ، سطّرها الدهر على صفحاته ، استجابة لدعوته عليه السلام بقوله : «وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ» قال ابن جرير وإنما قال عليّا ، لأن جميع الملل والأديان تثنى عليهم وتمدحهم ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وقد اجتمعت لإبراهيم خلال لم تجتمع لسواه :
(١) إنه اعتزل قومه حبا فى الله ، فآتاه الله من هم خير منهم ، فوهب له إسماعيل وإسحاق ويعقوب.
(٢) إنه تبرأ من أبيه حين تبين منه أنه عدو لله ، لا جرم سماه الله أبا المسلمين بقوله : «مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ».
(٣) إنه تلّ ولده للجبين ، ليذبحه إطاعة لأمر الله ففداه الله بذبح عظيم.
(٤) إنه أسلم نفسه للنار ابتغاء رضوان الله فكانت عليه بردا وسلاما.
(٥) إنه أشفق على هذه الأمة فقال : «رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ»