وقد أفصح عن هذا شاعر مصر أحمد بك شوقى فقال :
دقات قلب المرء قائلة له |
|
إن الحياة دقائق وثوانى |
ثم بين سبحانه ما سيظهر فى ذلك اليوم من الفصل بين المتقين والمجرمين فى كيفية الحشر فقال :
(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) أي واذكر أيها الرسول لقومك ، يوم نحشر المتقين إلى دار الكرامة ركبانا ، كما يفد الوافدون على أبواب الملوك ، ينتظرون إكرامهم وإنعامهم.
وقد أثر عن علىّ أنه قال : والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ، ولا يساقون سوقا ، ولكنهم يؤتون بنوق لم ير الخلائق مثلها. وعليها رحال الذهب. وأزمّتها الزبرجد ، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة ـ وهذا تمثيل لحالهم فى عزهم وعظمتهم وإكرام ربهم لهم.
(وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) أي ونسوق الكافرين بالله إلى جهنم مشاة قد تقطعت أعناقهم من العطش ، فهم كالدواب التي ترد الماء.
(لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) أي لا يملك العباد الشفاعة إلا من اتخذ عهدا عند الله ، بأن أعد لها عدّتها فكان فى الدنيا هاديا مصلحا ، فيكون فى الآخرة شافعا مشفّعا ، لا جرم أن ينالها فى الآخرة على مقدار هدايته فى الدنيا ، فالشفاعة حينئذ لا تكون إلا للأنبياء والعلماء والشهداء على مقدار أتباعهم.
روى أن ابن مسعود قرأ هذه الآية ثم قال : أتّخذ عند الله عهدا ، فإن الله يقول يوم القيامة : من كان له عند الله عهد فليقم ، قالوا يا أبا عبد الرحمن فعلّمنا ، قال : قولوا «اللهمّ فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ، إنى أعهد إليك فى هذه الحياة الدنيا ألا تكلنى إلى عمل يقربنى من الشر ويباعدنى من الخير ، وإنى لا أثق إلا برحمتك ، فاجعل لى عندك عهدا تؤديه إلىّ يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد».