(وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى) أي والله خير منك جزاء وأدوم ثوابا مما كنت دعوتنا إليه ومنيتنا به.
ولم يرد دليل على أنه نفّذ ما صمم عليه فى عقابهم ، ولكن الراجح أنه نفّذ ذلك كما يرشد إلى ذلك قول ابن عباس وغيره من السلف : أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء بررة.
ثم ختم السحرة كلامهم بشرح أحوال المجرمين وأحوال المؤمنين يوم العرض والحساب ، عظة لفرعون وتحذيرا له من نقمة الله وعذابه السرمدي وترغيبا له فى ثوابه الأبدى.
(إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) أي إن من يلق الله وهو مجرم بكفره ومعاصيه فإن له جهنم لا يموت فيها فينتهى عذابه ، ولا يحيا حياة طيبة ينتفع فيها بالنعيم المقيم ، قال المبرد : لا يموت ميتة مريحة ، ولا يحيا حياة ممتعة ، فهو يألم كما يألم الحي ويبلغ به حالة الموت فى المكروه ، إلا أنه لا يبطل فيها عن إحساس الألم ؛ والعرب تقول : فلان لا حى ولا ميت. إذا كان غير منتفع بحياته.
كما قالت زوج صخر حين سئلت عنه وهو مريض : لا هو حىّ فيرجى ، ولا ميت فينعى.
ونحو الآية قوله «لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ» وقوله «وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى. الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى. ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى» وقوله «وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ».
(وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى) أي ومن لقى ربه مؤمنا به وبما جاء به رسوله من عنده من المعجزات التي من جملتها ما رأيناه وشاهدناه ، ثم عمل صالح الأعمال ، فهؤلاء لهم بسبب إيمانهم وجليل أعمالهم المنازل الرفيعة والدرجات العالية.