تشهد على أصحابها ، وقد أجل الله عقابهم إلى هذا اليوم حلما منه وثقة بقدرته عليهم ، فهو لا يعجّل عقوبة من عصاه كما جاء فى الصحيحين «إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) وفى الصحيحين أيضا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله ـ إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم».
ثم عجب ربنا من قوة سمع الكفار وحذّة أبصارهم يوم القيامة وقد كانوا على الضد من هذا فى الدنيا فقال :
(أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي لئن كان هؤلاء الكفار الذين جعلوا لله أندادا وزعموا أن له ولدا ـ عميا فى الدنيا عن إبصار الحق والنظر إلى حجج الله التي أودعها فى الكون دالة على وحدانيته وعظيم قدرته وبديع حكمته ، صما عن سماع آي كتبه وما دعتهم إليه الرسل مما ينفعهم فى دينهم ودنياهم ويهديهم إلى الصراط المستقيم ـ فما أسمعهم يوم قدومهم على ربهم فى الآخرة ، وما أبصرهم حينئذ ، حيث لا يجدى السماع والإبصار شيئا ، ويعضّون على أناملهم حسرة وأسفا ، ويتمنون على الله الأمانى ، فيودون الرجوع إلى الدنيا ليتداركوا ما فاتهم من صالح العمل ، ولكن هيهات هيهات فقد فات الأوان.
صاح هل ريت أو سمعت براع |
|
ردّ فى الضّرع ما قرى فى الحلاب |
ومن ثم لا يجاب لهم طلب ، بل يقال لكل أفاك أثيم «خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ. ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ. إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ».
ثم أمر سبحانه نبيه أن ينذر قومه والمشركين جميعا فقال :
(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أي وأنذر الناس جميعا يوم يتحسر الظالمون على ما فرّطوا فى جنب الله حين فرغ من الحساب ، وذهب