ولما كان اتخاذ الولد من النقائص أشار إلى تنزيهه تعالى عن ذلك فقال : (سبحانه) أي تنزه ربنا عن كل نقص من اتخاذ الولد أو غيره.
ثم ذكر علة هذا التنزيه وبيان الوجه فيه فقال :
(إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي إذا أراد شيئا فإنما يأمر به فيصير كما يشاء كما قال : «إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» ومن كان هذا شأنه فكيف يتوهم أن يكون له ولد ، لأن ذلك من أمارات النقص والاحتياج؟.
(وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) أي ومما أمر به عيسى قومه وهو فى مهده أن أخبرهم بقوله ـ إن الله ربى وربكم ، وأمرهم بعبادته.
(هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) أي هذا الذي أوصيتكم أن الله أمرنى به هو الطريق المستقيم فمن سلكه نجا ، ومن اتبعه اهتدى ، لأنه هو الدين الذي أمر به أنبياءه ، من خالفه ضل وغوى ، وسلك سبيل الردى.
ثم أشار إلى أنه مع وضوح الأمر فى شأن عيسى ، وأنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ـ اختلفوا فيه كما قال :
(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) أي فاختلف قوم عيسى فى شأنه فرقا ثلاثا.
فقالت اليعقوبية : (نسبة إلى عالم منهم يسمى يعقوب) هو الله هبط إلى الأرض ثم صعد إلى السماء ، وقالت النسطورية (نسبة إلى عالم يسمى نسطور). هو ابن الله أظهره ما شاء ثم رفعه إليه. وقالت الملكانية (نسبة إلى الملك قسطنطين وكان فيلسوفا عالما) إنه عبد الله كسائر خلقه. وهذا الرأى هو الذي نصره الملك ونصره غيره من شيعته.
ثم توعد من كذب على الله وافترى وزعم أن له ولدا فقال :
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) أي فعذاب شديد للكافرين من شهود ذلك اليوم وهو يوم القيامة ، لشدة بأسه وعذابه ، فالأيدى والأرجل والألسن