أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار ، ونودى كل من الفريقين لا خروج من هنا بعد اليوم ، ولا موت بعد اليوم.
روى الشيخان والترمذي عن أبى سعيد قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «يؤتى بالموت بهيئة كبش أملح (يخالط بياضه سواد) فينادى مناد يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون ، فيقول : هل تعرفون هذا؟ فيقولون.
نعم ، هذا الموت ، وكلهم قد رأوه ، ثم ينادى مناد يا أهل النار ، فيشرئبون وينظرون ، فيقول هل تعرفون هذا؟ فيقولون : نعم ، هذا الموت وكلهم قد رأوه ، فيذبح بين الجنة والنار ، ثم يقول : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ، ثم قرأ «وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ».
وقوله إذ قضى الأمر أي إذ فرغ من الحكم لأهل النار بالخلود فيها ، ولأهل الجنة بمقام الأبد فيها بذبح الموت.
وذبحه تصوير لأن كلّا من الفريقين يفهم فهما لا لبس فيه أنه لا موت بعد ذلك.
وقوله : وهم فى غفلة : أي عن ذلك اليوم ، وعن حسراته وأهواله ، وقوله : وهم لا يؤمنون : أي وهم لا يصدّقون بالقيامة والبعث ومجازاة الله لهم على سييء أعمالهم بما أخبر أنه مجازيهم به.
ثم سلى رسوله وتوعد المشركين فقال :
(إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) أي لا يحزنك أيها الرسول تكذيب المشركين لك فيما أتيتهم به من الحق ، فإن إلينا مرجعهم ومصيرهم ومصير الخلق أجمعين ، ونحن وارثو الأرض ومن عليها من الناس بعد فنائهم ، ثم نجازى كل نفس بما عملت حينئذ ، فنجازى المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، لا ظلم اليوم ، إن الله سريع الحساب.