أنهم لو بقوا على الأرض مائة عام أو نحوها ولم يمت منهم أحد لضاقت بهم الأرض ، ولماتوا جوعا ، ولأكل الابن أباه ، ولأصبحت الأرض منتنة قذرة ، ولهلك الناس جميعا ، وأن أكل كواسر الطير لصغارها ليخلوا الجو والأرض من الحيوان المزدحمة ، ولو لا ذلك لأصبحت الأرض مضرة بالناس والحيوان ، فاقتناصها رحمة ونعمة على الناس.
وأن خرق السفينة التي هى لمساكين أشبه بموت بقرة فلاح فقير بجانبه رجل غنى لم تصب بقرته بسوء ، وذلك إنما يكون لحكم لا يعلمها إلا الله ، وقد يكون منها أن الفقير حين موته يخرج من هذا العالم خفيفا لا يحزنه شىء ، وأن الغنى إذا لم يهذب نفسه تكون روحه مجذوبة إلى هذا العالم متطلعة إلى ما فيه ، فيصير فى حسرة حين موته.
وأن ذكر الجدار وإقامته تشيران إلى كل من نرى أنه ليس أهلا للنعمة ظاهرا وقد أغدقت عليه ، فأهل هذه القرية اللؤماء الأشحاء ليسوا أهلا للإكرام.
وخلاصة ما قاله الخضر : إن هذه الأعمال ليست من جنس أعمال الناس ، بل هى من أعمال الله ، وإنما كنت واسطة فيها ، فهى نماذج لفعل ربكم فى هذه الحياة.
قصص ذى القرنين ، ويأجوج ومأجوج وسدهما
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (٨٣) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (٨٤) فَأَتْبَعَ سَبَباً (٨٥) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (٨٦) قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً (٨٧) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا