المنصور جمع القضاة ، فقال لهم : رجل أوصى بجزء من ماله ، فكم الجزء؟ فلم يعلموا فأبرد بريدا الى صاحب المدينة أن يسأل جعفر بن محمد (ع) فسأله؟ فقال : أبو عبد الله (ع) : هذا في كتاب الله بين؟ إن الله يقول لما قال إبراهيم (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ـ الى أن قال ـ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً) فكانت الطير أربعة ، والجبال عشرة يخرج الرجل من كل عشرة أجزاء جزء واحدا» (١) وما عنه فيه أيضا : «عن محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن عبد الله قال : جائني أبو جعفر بن سليمان الخراساني ، وقال : نزل بي رجل من أهل خراسان من الحجاج ، فتذاكرنا الحديث ، فقال : مات لنا أخ بمرو وأوصى إليّ بمأة ألف درهم وأمرني أن أعطي أبا حنيفة منها جزء ، ولم أعرف الجزء كم هو مما ترك؟ فلما قدمت الكوفة أتيت أبا حنيفة فسألته عن الجزء؟ فقال : لي الربع فأبى قلبي ذلك ، فقلت : لا أفعل حتى أحج وأستبصر المسألة ، فلما رأيت أهل الكوفة قد أجمعوا على الربع ، قلت لأبي حنيفة ـ : إلى قال ـ فقال أبو حنيفة : وأنا أريد الحج ، فلما أتينا مكة ، وكنا في الطواف ، فاذا نحن برجل شيخ قاعد قد فرغ من طوافه ، وهو يدعو ويسبح ، إذ التفت أبو حنيفة فلما رآه قال : إن أردت أن تسأل غاية الناس فأسأل هذا ، فلا أحد بعده ، قلت : ومن هذا؟ قال : جعفر بن محمد (ع) فلما قعدت واستمكنت إذا استدار أبو حنيفة خلف ظهر جعفر بن محمد (ع) فقعد قريبا مني فسلم عليه وعظمه ، وجاء غير واحد مزدلفين مسلّمين عليه ، وقعدوا ، فلما رأيت ذلك من تعظيمهم له اشتد ظهري ، فغمزني
__________________
(١) المصدر الآنف من الوسائل ، حديث (٨) وفي هامش الحديث من الطبعة الجديدة للوسائل ج ١٣ ص ٤٤٤ ذكر للحديث بطوله عن تفسير العياشي : (ج ١ ص ١٤٣) فراجع.