أما أولا ، فلمنع اجتماع مثل ذلك مع الايمان وانكشاف زوال التصديق بصدور واحد منهما كالإقرار الكاشف عمّا في القلب. وأما ـ ثانيا ـ فلو سلم بقاؤه فعل الحكم بكفره من الشارع انما هو لحسم التجري على مثل ذلك ، ولا استبشاع في كون الشخص الواحد في الزمان الواحد كافرا ومؤمنا باعتبار الظاهر والباطن ، كمن أقرّ بالشهادتين بالمحكوم بإسلامه مع عدم الاعتقاد بما أقرّ به.
وكيف كان ، فالكافر لا يرث المسلم بإجماع المسلمين والمسلم ـ عدا الامام ـ وان كان بعيدا يرث الكافر ، وإن كان له وارث قريب ، ويحجبه إجماعا منها ، خلافا لمن خالفنا ، تمسكا منهم بحديث : «لا توارث بين أهل ملّتين» (١) وفيه ـ مع إمكان دعوى ظهوره في نفي التوارث من الطرفين لا نفيه من طرف واحد ـ إنه مفسر بذلك في عدة من أخبارنا.
ويدل على ذلك كله ـ مضافا الى الإجماع بقسميه ـ النصوص المعتبرة المستفيضة ، بل المتواترة معنى وفيها الصحيح وغيره.
ففي الخبر عن أبي ولاد : «قال سمعت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ
__________________
(١) في (مجمع الزوائد للهيثمي : ج ٤ ص ٢٢٥) الطبعة الثانية سنة ١٩٦٧ م طبع دار الكتاب بيروت : «عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) : لا ترث ملة ملة. رواه البزاز والطبراني في الأوسط. وفيه عمر بن راشد ، وهو ضعيف عند الجمهور».
وفي (التاج الجامع للأصول) تأليف الشيخ منصور علي ناصيف : ج ٢ ص ٢٥١ الطبعة الثانية سنة ١٣٨١ ه ـ كتاب الفرائض والوصايا والعتق : «عن أسامة بن زيد عن النبي (ص) : لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم. رواه الأربعة ، ولأصحاب السنن : لا يتوارث أهل ملتين شتى».