ثم ذكر لهم بعض ما ينهى إليه هذا اللهو ، وهو عذاب الآخرة بعد خزى الدنيا فقال :
(لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) أي إن دار العذاب التي أعدت لمن يلهو عن الحق لا ريب فيها ولترونّها بأعينكم ، فاجعلوا صورة عذابها حاضرة فى أذهانكم ، لتنبهكم إلى ما هو خير لكم مما تلهون به.
والمراد برؤية الجحيم ذوق عذابها ، وهذا استعمال شائع فى الكتاب الكريم.
ثم كرر ذلك للتأكيد فقال :
(ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) أي لترونها رؤية هى اليقين نفسه ، إلى أي دين أو إلى أي شخص كانت نسبتكم فلتتقوا الله ربكم ، ولتنتهوا عما يقذف بكم فيها ، ولتنظروا إلى ما أنتم فيه من نعمة ، ولترعوا حق الله فيها ، فاستعملوها فيما أمر أن تستعمل فيه ، ولا تجترحوا السيئات وتقترفوا المنكرات ، إنكم لتمنون أنفسكم بأنكم ممن يعفو الله عنهم ، ويزحزحهم من النار بمجرد نسبتكم إلى الدين الإسلامى وتلقيبكم بألقابه ، مع مخالفتكم أحكام القرآن وعملكم عمل أعداء الإسلام.
ثم شدد عليهم وزاد فى تأنيبهم فقال :
(ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) أي إن هذا النعيم الذي تتفاخرون به وتعدونه مما يباهى بعضكم بعضا ـ ستسألون عنه ـ ماذا صنعتم به؟ هل أديتم حق الله فيه.
وراعيتم حدود أحكامه فى التمتع به ، فإن لم تفعلوا ذلك كان هذا النعيم غاية الشقاء فى دار البقاء.
روى عن عمر رضى الله عنه أنه قال : «أىّ نعيم نسأل عنه يا رسول الله ، وقد أخرجنا من ديارنا وأموالنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ظلال المساكن والأشجار ، والأخبية التي تقيكم الحر والبرد ، والماء البارد فى اليوم الحار».