وقد أثبت البحث العلمي غليان البراكين ، وهى جبال النار التي فى باطن الأرض ، وتشهد لذلك الزلازل الشديدة التي تشق الأرض والجبال فى بعض الأطراف كما حدث فى مسّينا بإيطاليا سنة ١٩٠٩ م ، وحدث فى اليابان بعد ذلك.
وجاء فى بعض الأخبار «إن البحر غطاء جهنم».
وبعد أن عدد ما يحدث من مقدمات الفناء وبطلان الحياة فى الأرض وامتناع المعيشة فيها ـ أخذ يذكر ما يكون بعد ذلك من البعث والنشور فقال :
(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) أي وإذا زوجت الأرواح بأبدانها حين النشأة الآخرة ، قاله عكرمة والضحاك والشعبي.
وفى هذا إيماء إلى أن النفوس كانت باقية من حين الموت إلى حين المعاد ، فبعد أن كانت منفردة عن البدن تعود إليه.
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟) أي وإذا سئلت الموءودة بين يدى وائدها عن السبب الذي لأجله قتلت ، ليكون جوابها أشد وقعا على الوائد ، فإنها ستجيب أنها قتلت بلا ذنب جنته.
وقد افتنّ العرب فى الوأد ، فمنهم من كان إذا ولدت له بنت وأراد أن يستحييها ولا يقتلها ، أمسكها مهانة إلى أن تقدر على الرعي ، ثم ألبسها جبة من صوف أو شعر وأرسلها فى البادية ترعى إبله ، وإن أراد أن يقتلها تركها حتى إذا كانت سداسية قال لأمها : طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها ، وقد حفر لها بئرا فى الصحراء حتى إذا بلغها قال لها انظري فيها ، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تسوى البئر بالأرض ، ومنهم من كان يفعل ما هو أنكى وأقسى من ذلك.
فيالله ، ما أعظم هذه القسوة بقتل البريئات بغير جرم سوى خوف الفقر أو العار ، وكيف استبدلت الرحمة بالفظاظة ، والرأفة بالغلظة ، بعد أن خالط الإسلام قلوبهم ، ومحا وصمة هذا الخزي عنهم.