المسكين ـ ليبين أن أفراد الأمة متكافلون ، وأنه يجب أن يوصى بعضهم بعضا بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع التزام كلّ بفعل ما يأمر به أو ينهى عنه.
ثم بين أن إهمالهم أمر اليتيم ، وخلوّ قلبهم من الرحمة بالمسكين لم يكونا زهدا فى لذائذ الحياة وتخلصا من متاعبها ، وعكوفا على شئون أنفسهم ، بل جاء من محبتهم للمال فقال :
(وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) أي إنكم تأكلون المال الذي يتركه من يتوفى منكم أكلا شديدا ، فتحولون بينه وبين من يستحقه ، وتجمعون بين نصيبكم منه ونصيب غيركم.
(وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) أي وتميلون إلى جمع المال ميلا شديدا ، ميراثا كان أو غيره.
وخلاصة ذلك ـ أنتم تؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ، إذ لو كنتم ممن غلب عليه حب الآخرة ، لا نصرفتم عما يترك الموتى ميراثا لأيتامهم ، ولكنكم تشاركونهم فيه ، وتأخذون شيئا لا كسب لكم فيه ، ولا مدخل لكم فى تحصيله وجمعه ، ولو كنتم ممن استحبوا الآخرة لما ضريت نفوسكم على المال تأخذونه من حيث وجدتموه ، من حلال أو من حرام.
فهذه أدلة ترشد إلى أنكم لستم على ما ادعيتم من صلاح وإصلاح ، وأنكم على ملة إبراهيم خليل الرحمن.
(كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣) يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (٢٦))