(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) أي وإذا صحف الأعمال ظهرت للعاملين فى موقف الحساب حتى لا يرتابوا فيها ، ولا ينبغى أن نبحث عن تلك الصحف ، لنعلم أهي على مثال الأوراق التي نكتب فيها فى الدنيا ، أم تشبه الألواح أو نحو ذلك مما جرى استعماله فى الكتابة ، فإن ذلك مما لا يصل إليه علمنا ، ولم يجئ نص قاطع عن المعصوم صلى الله عليه وسلم يفسر ذلك.
(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) فلم يبق غطاء ولا سماء ، ولم يوجد ما يطلق عليه اسم الأعلى والأسفل.
(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) أي وإذا جهنم التي يعاقب فيها أهل الكفر والطغيان أوقدت إيقادا شديدا ، فيكون ألم من يدخل فيها من أشد الآلام التي تحدث عن مسّ النيران للأجسام الحية ، وقد جاء فى سورة البقرة : «وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ».
(وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) أي وإذا الجنة أدنيت من أهلها : أي أعدت لنزولهم.
ونحو الآية قوله تعالى : «وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ».
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) أي إذا حصل كل ما تقدم من الأحداث السالفة ، تعلم كل نفس ما كان من عملها متقبلا وما كان منه مردودا عليها ، فكثير من الناس كانوا فى الحياة الدنيا مغرورين بما تزينه لهم الشياطين ، وسيجدون أعمالهم يوم القيامة غير مقبولة ولا مرضىّ عنها ، بل هى مبعدة من الله مستحقة لغضبه ؛ فالذين يعملون أعمالهم رئاء الناس ليس لهم من عملهم إلا الجهد والمشقة ، ولا تكون متقبلة عند ربهم ، فعلينا أن ننظر إلى الأعمال بمنظار الشرع ، ونزنها بميزانه الصحيح.
والله لا يتقبل من الأعمال إلا ما صدر عن قلب ملىء بالإيمان ، عامر بحبه والرغبة فى رضاه ، والحرص على أداء واجباته التي فرضها عليه.