(كَلاَّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠))
شرح المفردات
ولا تحاضون : أي لا يأمر بعضكم بعضا ، والتراث : الميراث ، لمّا : أي شديدا ، جمّا : أي كثيرا قال :
إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا |
|
وأىّ عبد لك لا ألمّا |
المعنى الجملي
بعد أن بين خطأ الإنسان فيما يعتقد إذا بسط له الرزق أو قتر عليه ـ أردف ذلك زجرهم عما يرتكبون من المنكرات ، وأبان لهم أنه لو كان غنيهم لم يعمه الطغيان ، وفقيرهم لم يطمس بصيرته الهوان ، وكانوا على الحال التي يرتقى إليها الإنسان ـ لشعرت نفوسهم بما عسى يقع فيه اليتيم من بؤس ، فعنوا بإكرامه فإن الذي يفقد أباه معرّض لفساد طبيعته إذا أهملت تربيته ، ولم يهتم بما فيه العناية به ورفع منزلته ، ولو كانوا على ما تحدثهم به أنفسهم من الصلاح لوجدوا الشفقة تحرك قلوبهم إلى التعاون على طعام المسكين الذي لا يجد ما يقتات به مع العجز عن تحصيله ، إلى أنهم يأكلون المال الذي يتركه من يتوفى منهم ، ويشتدون فى أكله حتى يحرموا صاحب الحق حقه ويزداد حبهم للمال إلى غير غاية.
وصفوة القول ـ إن شرههم فى المال ، وقرمهم إلى اللذات ، وانصرافهم إلى التمتع بها ، ثم قسوة قلوبهم إلى ألا يألموا إلى ما تجر إليه الاستهانة بشئون اليتامى من فساد أخلاقهم ، وتعطيل قواهم. وانتشار العدوى منهم إلى معاشريهم. فينتشر