الإيضاح
(إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) لفساد تركيبها واختلال نظامها ، حينما يريد الله خراب هذا العالم بحدث من الأحداث ، كأن يمر كوكب فى سيره بالقرب من كوكب آخر ، فيتجاذبان ويتصادمان ، فيضطرب نظام العالم العلوي بأسره ، ويحدث من ذلك غمام يظهر فى مواضع متفرقة من هذا الفضاء الواسع.
(وَأَذِنَتْ لِرَبِّها) أي استمعت وانقادت لتأثير قدرته ، وفعلت فعل المطواع الذي إذا أمر أنصت وأذعن وامتثل ما أمر به ، وفى الحديث : «ما أذن الله لشىء إذنه لنبىّ يتغنى بالقرآن».
(وَحُقَّتْ) أي وحق لها أن تمتثل لأنها مخلوقة من مخلوقاته وهى فى قبضته ، فإن أراد تبديد نظامها فعل ولم يكن لها أن تعصى إرادته.
(وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ) أي وإذا اضطربت الأرض ودكت جبالها ، وتقطعت أوصالها ، وفقدت ما بينها من التماسك ، فليس لها هذا الاندماج المشاهد الآن بل تمدّ مدّ الأديم العكاظىّ كما روى عن ابن عباس (والأديم : الجلد ، والعكاظي : المدبوغ فى عكاظ) والمراد أنه لا انشقاق فيها ولا اعوجاج.
(وَأَلْقَتْ ما فِيها) أي رمت ما فى جوفها من الناس والمعادن ، وأخرجت كل ذلك إلى ظاهرها.
ونحو هذا قوله : «إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها. وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها» وقوله : «وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ» وقوله «إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ».
(وَتَخَلَّتْ) أي خلت من جميع ما فى جوفها ، وربما قذفته الحركة العنيفة إلى ما يبعد عن سطحها ، فيخلو منه باطن الأرض وظاهرها ، وهى فى ذلك خاضعة لأوامر ربها ، منقادة لمشيئته.