قال شاعرهم :
فما أدع السفارة بين قومى |
|
ولا أمشى بغشّ إن مشيت |
والمراد هنا الملائكة والأنبياء ، لأنهم وسائط بين الله وخلقه فى البيان عما يريد ، كرام : واحدهم كريم ، بررة : واحدهم بارّ ، والمراد أنهم كرام على الله ، أطهار لا يقارفون ذنبا.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه حادث ابن أم مكتوم وعتبه على رسوله فيما كان منه معه ، أردف ذلك ببيان أن الهداية التي يسوقها الله إلى البشر على ألسنة رسله ، ليست من الأمور التي يحتال لتقريرها فى النفوس وتثبيتها فى القلوب ، وإنما هى تذكرة يقصد بها تنبيه الغافل إلى ما جبل الخلق عليه من معرفة توحيده ؛ فمن أعرض عن ذلك فإنه معاند يقاوم ما يدعوه إليه حسه ، وتنازعه إليه نفسه.
فما عليك إلا أن تبلغ ما عرفت عن ربك ، لتذكر به الناس ، وتنبه الغافل ، أما أن تحابى القوىّ المعاند ، ظنا منك أن مداجاته ترده عن عناده ، فذلك ليس من شأنك ، «فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى».
وهذه الهداية أودعها سبحانه فى الصحف الإلهية الشريفة القدر ، المطهرة من النقائص والعيوب ، وأنزلها على الناس بوساطة ملائكته الكرام البررة.
الإيضاح
(كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ) أي ما الأمر كما تفعل أيها الرسول ، بأن تعبس فى وجه من جاءك يسعى وهو يخشى ، وتقبل على من استغنى ، بل الهداية المودعة فى الكتب الإلهية وأجلّها القرآن ، تذكير ووعظ وتنبيه لمن غفل عن آيات ربه.
وقد وصف سبحانه تلك التذكرة بأوصاف تدل على ما لها من عظيم الشأن فقال :