ثم ذكر أن أمره مع الحاضرين مجلسه انحصر فى شيئين :
(١) (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى. فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) أي أما من استغنى بماله وقوّته عن الإيمان ، وعما عندك من المعارف التي يشتمل عليها الكتاب المنزّل عليك ، فأنت تقبل عليه ، حرصا على إسلامه ، ومزيد الرغبة فى إيمانه.
(وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى؟) أي وأىّ عيب عليك فى بقائه كذلك ، وألا يتطهر من وسخ الجهالة؟ فما أنت إلا رسول مبلغ عن الله ، وقد أديت ما يجب عليك ، فما بالك يشتد بك الحرص على إسلامه.
وقصارى ذلك ـ لا يبلغنّ بك الحرص على إسلامهم ، والاشتغال بدعوتهم ، أن تعرض عن الذين سبقت لهم منا الحسنى.
(٢) (وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى. وَهُوَ يَخْشى. فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) أي وأما من جاءك مسرعا فى طلب الهداية والقرب من ربه ، وهو يخشاه ويحذر الوقوع فى الغواية ، فأنت تتلهى عنه ، وتتغافل عن إجابته إلى مطلبه.
(كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦))
شرح المفردات
كلا : كلمة يقصد بها زجر المخاطب عن الأمر الذي يعاتب عليه ، لئلا يعاوده ، وهنا هو التصدي للمستغنى والتلهي عن المستهدى ، تذكرة : أي موعظة ، ذكره : أي اتعظ به ، فى صحف مكرمة : أي مودعة فى صحف شريفة ، مرفوعة : أي عالية القدر ، مطهرة : أي من النقص لا تشوبها الضلالات ، سفرة : واحدهم سافر ، من سفر بين القوم إذا نصب نفسه وسيطا ليصلح من أمورهم ما فسد.